في الفترة الاخيرة مع زيادة الوعي بمدى تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على تغيير الواقع تفطن الناس لأن دور الجمهور في نشر القضايا مهم جداً وقادر على صنع تغيير كبير. حتى أن بعض الدول أيضا أدركت ذلك وأصبحت تجند ذباباً الكترونياً يقوم بدور النشر ورفع هاشتاقات إلى ترند! وبما أن القضايا كثيرة، ظهرت محاولات كثيرة لكسب تعاطف الناس لقضايا معينة بهدف تسليط الضوء عليها. رأينا تراشق اتهامات بـ”ازدواجية المعايير” أو “النفاق” بسبب اختيار دعم قضية دون قضايا أخرى قد تكون مشابهة. وهنا طرحت سوالاً على نفسي…. ما القضايا التي تستحق مني النشر؟ وإجابتي أن اختياري ينبني على عدة أمور لكن ربما من أهمها هو مدى تأثيري على حل المشكلة..
مثلا قضية ريان الطفل المغربي الذي وقع في البئر، لم يكن هناك أي جدوى من نشر التعاطف لأنه لن يؤثر على سرعة الحفر ولن يزيد نسبة الأكسجين … وعلى الرغم من أنني تألمت جداً لحاله، إلا أنني لم أرَ أن البث المباشر المتواصل لأيام من الجزيرة وغيرها من القنوات كان ذو جدوى، وإنما كان مجرد تغذّي على حالة “التشويق” التي عاشها الناس.
وذكرني ذلك بنشيد انتشر في فترة يتحدث عن معاناة الكفيف، لا يحمل أي رسالة لكيفية تحسين حياته، كان مجرد سرد لمعاناته. وعجبت لذلك الطرح، ما الفائدة المرجوة من نقل معاناة غير قابلة للإصلاح -على فرض أنها كذلك- ؟ وما الفائدة التي قد يجنيها صاحب المعاناة من شفقة الناس عليه واشتهار قصته في مواقع التواصل الاجتماعي؟
في المقابل مثلاً، النشر قد يكون له تأثير ضخم جداً لو كان لقضية تضغط على مؤسسات مسؤولة تتغاضى عن رؤية مشكلة ما. في هذه الحالة وصول الهاشتاق إلى ترند يجبرها على القيام برد فعل علني حيال الموضوع. وأقرب مثال هو حملة أبو فلة التي تفاعل فيها الناس لمطالبة مفوضية اللاجئين بنشر التقارير المالية لحملة التبرع، وكشفت هذه المطالب أمام الملأ مدى انعدام الشفافية والوضوح في المنظمة مما يؤدي إلى فقدان الثقة فيها، وقد يؤدي ذلك مستقبلاً إلى توجه المتبرعين بتبرعاتهم إلى جهات أصدق منها. وغير هذا المثال الكثير من الأمثلة التي نرى فيها تأثير النشر جلياً، مثل حركات خفض نقاط تقييم شركات معينة، دعوات المقاطعة،…وغيرها. هنا نرى تأثير فعلي لصخب السوشل ميديا على أرض الواقع.
هذا والله أعلم