أما بعد ،
فإن تعريفي للغريب هو الذي ليس لديه إجابة سريعة لسؤال “من أين أنت ؟” .. مثلي أنا ، إجابتي بطيئة، مترددة ومفصّلة، تتكون من جملتين على الأقل. لا أتحدث عن الغربة فحسب، ولكن أيضاً عن التنقل الذي جعلني أنتمي لأماكن عدة، لا يمكنني بسهولة تجاهل وجودها في تكويني الواعي واللاواعي. وأنا شئت أم أبيت لا أشبه جماعة تشابهاً كلياً يسمح لي بأن أنسب نفسي لها حتى داخل الجزائر، أصلي ومولدي ومعاشي متفرق في ولايات مختلفة.
المهم، قررت منذ فترة أن أختصر إجابتي وأختار من بين الأماكن المكان الأكثر ملاءمة لي، ليكون إجابتي القصيرة عن هذا السؤال الذي يفترض أن يكون بسيطاً، على الأقل عند تعبئة خانة “مدينتك؟” في مواقع التواصل الفضولية.. وبنيت اختياري على أمرين: أصلي ونسبي، ومن أشبه ولمن يميل قلبي. وبناء على هذين المعيارين كان المكان الفائز بانتسابي إليه هو طولقة Tolga . المدينة التي لم أولد ولم أعش فيها إطلاقاً، ولم أمكث فيها فترات طويلة وإنما جل زياراتي لها كانت تقتصر على زيارات متقطعة لصلة الرحم .. وهذا الذي كان يمنعني سابقاً من أن أنسب نفسي إليها، فأنا لست طولقية أصلية! لكن من ناحية أخرى هي المدينة الوحيدة الذي أجد فيها ناس أسمهم ددّاش! فالآن قررت أنني من طولقة.. حتى إشعار آخر
على الرغم من صعوبة مسألة تعريف الهوية بالنسبة للمغتربين، و مختلطي الأعراق، إلا أنها أصبحت مسألة عامة متكررة. والعالم بشكل عام يزيد اختلاطه وتقل فيه أصلية الهوية، وربما يوما ما سيفوق عدد متعددي الهويات غيرهم..
اخيراً.. الفيديو أعلاه هو تجميع لما تفرق من مقاطع فيديو سجلتها في مزرعة منزلنا في طولقة، مع الألحان التي تصف هذا المكان في ذاكرتي، إنها باختصار واحة صحراوية، تغطيها مزارع النخيل، توارث أهلها زراعة وتجارة تمور دقلة نور ، حتى اشتهرت بالنخيل والتمور إقليميا وعالمياً