تعقيبا على رسالة JP

هذه محاولة لتلخيص لماذا أعتقد أن جوردن بيترسون جاب العيد وجنى على نفسه في فيديو رسالته للمسلمين. كنت قد تابعت حوارات جوردن على اليوتيوب، وتحوله لحوار الأديان وفلسفاتها، وحواره تحديداً مع علماء مسلمين. وأنا أحسبه صادق في بحثه، وبناء على هذا سأفترض حسن نيته فيما قال، وإنما قال ماقاله عن جهل وسطحية في معرفة أحكام شريعة الإسلام وعجلة في الطرح. الإشكال الأول قبل كل شيء هو أن جوردن ليس مصدر تشريع للمسلمين، رأيه أو أوامره لا تعني شيء لأي أحد ولا حتى كنصيحة إلا إذا وافقت ما في عقيدة الإسلام من أوامر وفي هذه الحالة فهو اتباع للشريعة الإسلامية وليس له

أما عن الإشكاليات في محتوى كلامه:

1- كلامه سطحي في دعوته للصلح مع اليهود والنصارى: الإسلام يتعامل مع غير المسلمين حسب السياق ولكل صنف من غير المسلمين حكم مختلف (أهل الكتاب، أهل الذمة، المؤلفة قلوبهم، المحاربين، الكفار والمشركين والمنافقين) فيعني الموضوع فيه تفصيل ومذاهب ومدارس وأحكام شرعية لا أعتقد أنه مطّلع عليها، وكلها أحكام منطقية جداً تجاهلها حماقة وليس سلمية ومحبة

أحاول اختصار أهم النقاط في هذا السياق: 

– لا مشكل لدى المسلم في التعايش مع اليهود والنصارى، عاش أتباع الديانات الثلاثة في صلح في الدولة الاسلامية مدى التاريخ، ونؤمن برسلهم وأنبيائهم، ونوحد الله، وهذا التشابه يعرفه طالب في الابتدائي لكن لاحظت أن جوردن تفاجأ من كمية التشابه عندما تعلم القليل عن الإسلام فربما تحمس 
– رغم الصلح مع اصحاب الديانات الاخرى لكن المسلم لا يواليهم ويبرأ من معتقداتهم، أفعالهم، وطريقة حياتهم 
– ركز السيد بيترسون على اليهود في خطابه، وهنا افترض أنه يقصد المقاومة الفلسطينية، وفي هذه الحالة فهم محاربون للمسلمين، فتنطبق عليهم أحكام الحرب، السلم معهم مرادف للاستسلام 

2- دعوته للتقريب بين الأديان السماوية، توافق دعوات”وحدة الأديان” و “الديانة الإبراهيمية” التي تجمع الديانات السماوية الثلاثة، وفي هذه الحالة (إذا أحسنت الظن فيه) إما أن كلامه جاء في غير محله وزمانه في ظل هذه الدعوة الجديدة كلامه قد يؤخذ بسهولة على أنه خطوة في سبيل تحقيق الوحدة الدينية. أو ربما هو فعلاً يسعى لذلك وهنا دعوته مرفوضة لنفس الأسباب التي تجعلنا نرفض هذا التقريب، ولا يسعني طرح أسباب الرفض هنا هذا موضوع آخر 

3- أخيرا المشكل بين السنة والشيعة ليس مشكل ديني فحسب، ولكن مشكل مسيّس جداً، اشتعل مع اجتياح أمريكا للعراق، واليوم لا أثر له في أكثر المدن صراعاً في السابق، أيضا طرحه سطحي جرد فيه القضية من سياقها التاريخي والسياسي 

هذا ملخص بسيط لكمية المغالطات التي قد تنتج عن التعميم السطحي، والتحدث بغير عِلم. والله ياجوردن حتى حنا عندنا مقترحات لحل مشاكلكم الأسرية والأخلاقية، والسياسية والاستعمارية المستمرة لليوم…. لكن من رأيي كل واحد يركز على مشاكله